1 - حكم الأضحية :
الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة، ويكره تركها للقادر عليها وذلك عند المالكية على المشهور لغير الحاج بمنى، ومن أدلة السادة المالكية على سنيتها حديث أم سلمة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره . " رواه الجماعة إلا البخاري .
2 - شروط سنية الأضحية :
يشترط لسنية الأضحية عند المالكية القدرة عليها، والقادر عليها عندهم هو الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه، ولو استطاع أن يستدين استدان .
3 - شروط صحة الأضحية :
يشترط لصحة الأضحية سلامة الأضحية سلامة الحيوان المضحى به من العيوب الفاحشة، كالعيوب الأربعة المتفق على كونها مانعة من الضحية، وهي : العور البين، والمرض البين، والعرج، والعجف "الهزال ".
ويقول فقهاء المذهب بأن يكون الذبح نهارا، فلو ذبح ليلا لم تصح أضحيته، والنهار بطلوع الفجر في غير اليوم الأول، كما أضافوا شرطين آخرين :
1 - إسلام الذابح فلا تصح إذا أنيب بذبحها الكافر، ولو كان كتابيا، فإنه يجوز أكلها .
2 - وعدم الاشتراك في ثمن الأضحية، فإن اشترك جماعة بالثمن أو كانت مملوكة شركة بينهم، فذبحوها ضحية عنهم، لم تجز عن واحد منهم، ويصح التشريك في الثواب قبل الذبح لا بعده، بين سبعة في بدنة أو بقرة لا شاة، بشروط ثلاثة على المشهور عند المالكية:
- أن يكون قريبا له كابنه وأخيه وابن عمه ..
- وأن يكون ممن ينفق عليه سواء كانت النفقة واجبة أو غير واجبة .
- وأن يكون ساكنا معه في دار واحدة .
4 - وقت التضحية :
اتفق الفقهاء على أن أفضل وقت التضحية هو اليوم الأول قبل زوال الشمس، لأنه هو السنة لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما نبدأ به يومنا هذا: أن نصلي، ثم نرجع، فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء . " رواه البخاري ومسلم .
وذهب المالكية إلى أن وقت التضحية يبتدىء للإمام بعد الصلاة والخطبة، ولغير الإمام بعد ذبح الإمام - وفي غير اليوم الأول - وهو الثاني والثالث- يدخل بطلوع الفجر، ويستمر وقت الذبح لأخر اليوم - أي مغيب الشمس- اليوم الثالث من أيام النحر.
5 - نوع الحيوان المضحى به :
اتفق العلماء على أن الأضحية لا تصح إلا من نعم : إبل وبقر وغنم - ومنها المعز - بسائر أنواعها، فيشمل الذكر والأنثى والخصي والفحل .
اختار المالكية في الأفضل من أنواع الحيوان: الضأن ثم البقر ثم الإبل، نظرا لطيب اللحم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين، لذلك اختاروا في الأفضل الغنم: فحله فخصيه فأنثاه ثم المعز ثم البقر ثم الإبل، فالذكور عندهم أفضل من الإناث مطلقا، والأبيض أفضل من الأسود .
6 - سن الحيوان المضحى به :
اتفق الفقهاء على جواز التضحية بالثني فما فوقه من الإبل والبقر والغنم، واختلفوا في الجدع من الضأن، فذهب بعض المالكية إلى جواز الجدع العظيم أو السمين من الغنم ابن ستة أشهر ودخل في السابع. وذهب كذلك المالكية على الراجح عندهم إلى أن الجدع من الضأن إذا أتم السنة الأولى ودخل في الثانية يجزيء .
أما بقية الأنعام فإن المالكية قالوا في المعز: ابن سنة عربية ودخل في الثانية دخولا بينا كشهر أي أن يكون بلغ من العمر عاما وشهر فأكثر. بخلاف الضأن فينبغي فيه مجرد الدخول. والبقر والجاموس ابن ثلاث سنين ودخل في الرابعة مجرد الدخول. والإبل ابن خمس سنوات ودخل في السادسة .
أسئلة في الدين
السؤال : هل الأضحية سنة أو فرض؟
الجواب: المشهور عند أغلب العلماء أن الأضحية سنة مؤكدة على كل من استطاع عليها، سواء كان ذكرا أو أنثى، مقيما أو مسافرا، كبيرا أو صغيرا، ودلّ على سنية الأضحية أحاديث كثيرة قولية وفعلية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وآثار صحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم نذكر منها ما رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي"، وروى البخاري وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ. قَالَ أَنَسٌ : وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْن " .
السؤال : ما هو حكم القرض لأجل الأضحية؟
الجواب: اتفق الأئمة على المنع أي تحريم التَسَلُّف للأضحية إذا كان لا يقدر على ردّ الدَّيْنِ، لما فيه من الإضرار بنفسه وغريمه، وأما من كان يرجو وفاء دَيْنِه كالعمال الذين تأخرت رواتبهم أو التجار الذين لم تكن عندهم سيولة مالية ونحوهم، فلا بأس أن يَسْتَقْرِضُوا ثمنها ويضحوا، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في المسألة يُعْتَمَدُ عليه، أمّا الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْتَدِينُ وَأُضَحِّي؟، قَالَ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ فَإِنَّهُ دَيْنٌ مَقْضِيٌّ " ، فهو ضعيف لا يُحْتَجُّ بمثله، وعليه فمن كان قادرا على تسديد دينه ورغب في إحياء السنة فله أن يقترض ويُخْلِفُ الله عليه ببركة اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم .
السؤال : ما هو حكم من ضاعت أضحيته أو سُرِقَت ثم لقيها؟
الجواب: من ضاعت أضحيته أو سُرِقَتْ منه فإما أن يجدها في أيام النَّحْرِ سليمة فَيُضَحِّي بها، أو يجدها مَعِيبَةً فيصنع بها ما يشاء، ويسن له أن يضحي بأخرى إن قدر عليها، وإما أن يجدها بَعْدَ أيام النحر فلا يلزمه ذبحها لفوات الوقت، وله أن يفعل بها ما يشاء.
السؤال : اشترى أبونا أضحية بعد رمضان ثم مات بعد ذلك، فهل نضحي بها أو لا نضحي؟ .
الجواب: من اشترى أضحية ومات قبل ذبحها فإن كان عليه دَيْنٌ يحيط بها بِيْعَتْ لتسديد الديون، وإن لم يكن عليه دَيْنٌ فإنها من التركة تورث، واستحب العلماء لورثته أن يذبحوها عنه، فإن شحوا بها ومنعوا ذلك فهي لهم كسائر التركة يقتسمونها.
السؤال : نحن مجموعة من الإخوة نريد أن نشترك في شراء الأضحية، فهل يجوز لنا ذلك؟ .
الجواب: اتفق أهل العلم على عدم جواز الاشتراك في الغنم ضأنه ومعزه، لأن الأحاديث الواردة في الاشتراك ذُكر فيها الإبل والبقر دون الغنم، واختلفوا في البقر والإبل وجمهور العلماء على جواز أن يشترك سبعة أشخاص في الناقة أو البقرة، واستدلوا على جواز الاشتراك في البُدُن والبقـر بعدة أحاديث منها ما رواه مالك ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ".
وروى أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس رضي الله عنه قال : " كُنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ الأَضْحَى، فَذَبَحْنَا البَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ والبَعِيرَ عَنْ عَشَرَةٍ " .
السؤال : ما هي العيوب التي تمنع من صحة الأضحية؟ .
الجواب:لا تصح الأضحية حتى تسلم من جميع العيوب الفاحشة التي تنقص من اللحم أو من الخلقة، لِمَا رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن عن البراء بن عازب رضي الله عنه "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟، فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَرْبَعًا"، وَكَانَ البَرَّاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. "العَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالعَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالعَجْفَاءُ التِي لاَ تُنْقِي " .
والمشهور أنه يلحق بهذه العيوب الأربعة المجمع عليها ما شابهها أو كان أعظم منها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على العوراء ولم يذكر العمياء، والعمى أفحش من العور، ونص على العرجاء ولم يذكر مقطوعة الرجل ولا القاعدة التي لا تمشي، وهما أشد فحشا من العرجاء، ويمكننا أن نحصر العيوب الفاحشة المانعة من الإجزاء والتي يجب أن تتقى في الأضاحي فيما يأتي: 1 ـ العمياء هي التي فقدت بصرها بالكلية. 2 ـ العوراء هي التي تبصر بعين واحدة، 3 ـ البكماء التي لا تصيح، 4 ـ الصماء التي لا تسمع، 5 ـ المريضة البين مرضها، 6 ـ العجفاء هي التي لا شحم لها ولا مخ في عظمها لشدة هُزَالِها، 7 ـ الجرباء كثيرا، 8 ـ العرجاء البين ضَلَعُهَا وهي التي لا تلحق غيرها، أما العرج الخفيف فلا يضر، 9 ـ الصمعاء وهي صغيرة الأذنين جدا، 10 ـ البتراء هي التي لا ذَنَبَ لها، سواء كان ذلك خلقة أو عروضا، 11 ـ مقطوعة الذنب إذا كان القطع الثلث فأكثر، أما أقل من ذلك فيجزئ، 12 ـ من فقدت أكثر من سن لغير إثغار أو كبر كأن تفقد أسنانها بسبب المرض أو الضرب، 13 ـ من فقدت جزءا كيد أو رجل، إلا الخصية أي البيضة فلا يضر فائتها إذا لم يكن بها مرض بين، وإنما أجزأت لأن الخصاء يعود على اللحم بسمن ومنفعة، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين موجوأين أي خصيين فدل على الجواز، 14 ـ من فقدت أكثر من ثلث الأذن أو شقها، أما فقد أو شق الثلث فما دونه فلا يضر، 15 ـ من كسرت قرنها إذا كان يدمي، أي لم يبرأ، فإن برئ أجزأت، 16 ـ من جرحت بجرح كبير أو كانت بها جروح كثيرة ولو لم تكبر لأنه من المرض الذي يمنع الإجزاء .
السؤال : هل يجوز لي أن أستنيب أخي ليذبح الأضحية وهو تارك للصلاة؟
الجواب: يكره للمضحي أن يستنيب تارك الصلاة، وقيل لا يصح ذبحه بناء على أنه كافر، وهو قول أحمد بن حنبل وابن حبيب من المالكية، والصحيح أنه مسلم عاص، وعليه تصح ذبيحته وتجزئ مع الكراهة، وتؤكل ولا تُلقى لما فيه من إضاعة المال وهو منهي عنه، ويستحب للمضحي إن استناب تارك الصلاة أن يعيد أخرى .