وهم بنو تطوفت بن نفزاو بن لوا الأكبر بن زحيك، وبطونهم كثيرة مثل غساسة
ومرنيسة وزهيلة وسوماتة وزاتيمة وولهاصة ومجرة. وورسيف، ومن بطونهم مكلاتة،
ويقال إن مكلاتة من عرب اليمن وقع إلى تطوفت صغيراً فتبناه، وليس من
البربر. ولمكلاتة بطون متعدد مثل بني ورياغل وكزناية وبني يصلتن وبني ديمان
ورمحوق وبني يزناسن. ويقال أن غساسة منهم هكذا عند نسابة البربر مثل: سابق
المطماطي وغيره. ومن بطون ولهاصة ورتدين بن داحية بن ولهاصة وورفجومة بن
تيرغاس بن ولهاص. ومن بطون ورفجومة زكولة رجالة لذاك بن ورفجوم إلى بطون
أخرى كثيرة.
وكان ورفجومة هؤلاء أوسم بطون نفزاوة وأشدهم بأساً وقوة.
ولما انحرف عبد الرحمن بن حبيب عن طاعة أبي جعفر المنصور، وقتله أخواه عبد
الوارث وإلياس وطالبهما إبنه حبيب بالثأر فلحق عبد الوارث بورفجومة، ونزل
على أميرهم عاصم بن جميل بأوراس، وكان كاهناً فأجاره وقام بدعوة أبي جعفر
المنصور، واجتمعت إليه نفزاوة، وكان من رجالاتهم عبد الملك بن أبي الجعد
ويزيد بن سكوم وكانوا يدينون بدين الأباضية من الخوارج، وزحفوا إلى
القيروان سنة أربعين ومائة. وفر عنها حبيب بن عبد الرحمن، ودخلها عبد الملك
بن أبي الجعد وقتل حبيباً. واستولت نفزاوة على القبروان وقتلوا من كان بها
من قريش وسائر العرب، وربطوا دوابهم بالمسجد وعظمت حوادثهم.
ونكر
ذلك عليهم الاباضية من برابرة طرابلس وتولى كبرها زناتة وهوّارة فاجتمعوا
ألى الخطاب بن السمح ورجالات العرب، واستولوا على طرابلس ثم على القيروان
سنة إحدى وأربعين ومائة، وقتلوا عبد الملك بن أبي الجعد وأثخنوا في قومه من
نفزاوة وورفجومة. ثم رجعوا إلى طرابلس بعد أن استعمل أبو الخطاب على
القيروان عبد الرحمن بن رستم. واضطرم المغرب ناراً وعظمت فتنة ورفجومة
هؤلاء إلى أن قدم محمد بن الأشعث سنة ست وأربعين ومائة من قبل المنصور
فأثخن في البربر وأطفأ نار هذه الفتنة كما قدمناه. ولما اختط عمر بن حفص
مدينة طبنة سنة إحدى وخمسين ومائة أنزل ورفجومة هؤلاء بها بما كانوا شيعاً
له، وعظم غناؤهم فيها عندما حاصره بها ابن رستم وبنويفرن.
ثم انتقضوا
بعد مهلك عمرعلى يزيد بن حاتم عند قدومه على أفريقية سنة سبع وخمسين ومائة،
وولوا عليهم أبا زرجونة منهم وسرح إليهم يزيد العساكر مع إبنه وقومه
فأثخنوا فيهم. ثم انتقضت نفزاوة على أبيه داود ودعوا إلى دين الاباضية،
وولوا عليهم صالح بن نصر منهم فرجعت العساكر إليهم متراسلة وقتلوهم أبرح
قتل. وعليها كان ركود ريح الخوارج بأفريقية أذعار البربر. وافترق بنو
ورفجوم بعد ذلك وانقرض أمرهم وصاروا أوزاعا في القبائل. وكان رجالة منهم
بطناً متسعاَ. وكان منهم رجالات مذكورون في أول العبيديين وبني أُميّة
بالأندلس منهم الرجالي أحد الكتاب بقرطبة. وبقي منهم لهذا العهد فرق
بمرماجنه. وهناك قرية ببسيطها تنسب إليهم.
وأما سائر ولهاصة من ورفجومة
وغيرهم فهم لهذا العهد أوزاع لذلك أشهرهم قبيلة بساحل تلمسان اندرجوا في
كومية وعدوا منهم بالنسب والخلط. وكان منهم في أواسط هذه المائة الثامنة
ابن عبد المكلف استقل برياستهم وتملك بدعوى السلطان بعد عساكر بني عبد
الواد على تلمسان ونواحيها،وتغلب على سلطانهم لذلك العهد كما نذكره عثمان
بن عبد الرحمن وسجنه بالمطبق بتلمسان ثم قتله. ومن أشهر قبائل ولهاصة أيضاً
قبيلة أخرى ببسيط بونة يركبون الخيل ويأخذون مذاهب العرب في زيهم ولغتهم
وسائر شعارهم كما هو شأن هوّارة. وهم في عداد القبائل الغارمة،ورئاستهم في
بني عريف منهم، وهي لهذا العهد في ولد حازم بن شداد بن حزام بن نصر بن مالك
بن عريف. وكانت قبلهم لعسكر بن بطنان منهم،هذه أخبار ولهاصة فيما علمناه.
(وأما
بقايا بطون نفزاوة) فمنهم زاتيمة، وبقية منهم لهذا العهد بساحل برشك،
ومنهم غساسة. وبقية منهم لهذا العهد بساحل بوطة حيث القرية التي هناك حاضرة
البحر ومرسى لأساطيل المغرب وهي مشهورة باسمهم. وأما زهيلة فبقيتهم لهذا
العهد بنواحي بادس مندرجون في غمارة وكان منهم لعهد مشيختنا أبو يعقوب
البادسي أكبر الأولياء، وآخرهم بالمغرب. وأما مرنيسة فلا يسلم لهم موطن،
ومن أعقابهم أوزاع بين أحياء العرب بأفريقية. وأما سوماتة فمنهم بقية في
نواحي القيروان: كان منهم منذر بن سعيد القاضي بقرطبة لعهد الناصر والله
أعلم.
وأما بقايا بطون نفزاوة فلا يعرف لهم لهذا العهد حي ولا موطن إلا
القرى الظاهرة المقدرة السير المنسوبة إليهم ببلاد قسطيلة. وبها معاهدون من
الفرنجة أوطنوهم على الجزية واعتقاد الذمة عند عهد الفتح، وأعقابهم بها
لهذا العهد. وقد نزل معهم كثير من بني سليم من الشريد وزغبة وأوطنوها
وتملكوا بها العقار والضياع. وكان أمر هذه القرى راجعاً إلى عامل توزر أيام
استبداد الخلافة. فلما تقلص ظل الدولة عنهم، وحدثت العصبة في الأمضار
استبدت كل قرية بأمرها، وصار مقدم توزر يحاول دخولهم في إيالته. فمنهم من
يعطيه ذلك، ومنهم من يأباه حتى أظلتهم دولة مولانا السلطان أبي العبّاس،
وأدرجوا كلهم في طاعته واندرجوا في حبله، والله ولي الأمور ولا رب غيره .